قد يبدو الجدار صامتًا، جامدًا، لا حياة فيه، لكنه أكثر من يعرف ما لا يُقال.
هو الذي سمع ضحكاتٍ عالية ودموعًا مكتومة، وحفظ أسرار البيوت دون أن يبوح بها.
كل شقٍّ في سطحه هو زمنٌ مرّ، وكل أثر يدٍ عليه هو حكايةٌ معلّقة.

حين تتكئ على الجدار في لحظة تعب، تشعر أنه يفهمك، كأن بينك وبينه عهدًا قديمًا.
ربما لأنه شاهد كل ما لم نُظهره، واحتمل ما لم نحتمله نحن.
حتى صمته ليس صمتًا، بل إصغاءٌ طويل لعالمٍ مزدحمٍ لا يعرف السكون.

وحين يأتي الليل، وتنسحب الأصوات، يبقى الجدار هناك، واقفًا، يسمع كل شيء،
ويُخبّئ في مسامه ما لم يجرؤ القلب على البوح به.